الفصل التاسع من قصة عقبة بن نافع عقبة يستأنف الفتح
تدور أحداث هذا الفصل حول تصميم عمرو بن العاص على مواصلة الفتوحات ،
وتكليفه لعقبة بقيادة الجيش فبدأ عقبة أعماله الحربية بالتوجه نحو قبيلة
لواتة التي أعلنت الطاعة من جديد واعتناق الإسلام ، ثم برقة التي وجد أهلها
متمسكين بتعاليم الإسلام . توفى (عمرو) وجاء بعده (معاوية بن حديج) مواصلًا
الفتوحات ولكنه لم يحقق إلا نصرًا ضئيلا.
عمرو يختار " عقبة " لاستئناف الفتوحات :
صمم عَمْرُو - بعد عودته إلى ولايةِ مِصْرَ - عَلَى اسْتِئناف الفتوحات
التي بدأها في بَرْقةً سنة ٢٢هـ وَرَأَى أَنَّ خَيْرًا مَنْ يَقُومُ بهذه
الفتوحاتِ هو عقبة بن نافع ؛ لأنه أصْبَحَ ماهرًا في فنون الحرب من جهةٍ ،
وخَبِيرًا بشئون القبائل البَرْبَرِيةِ والرُّومِ مَن جِهَةٍ أخرى : لإقامته
هناك ست سنواتٍ كَامِلةً .
عقبة يتولى قيادة الجيش :
استَدْعَى عَمْرُو ابْنَ خَالَتِهِ عُقْبَةَ ، وطلب إليه أن يتولى قيادة
الجيش الذي سيتم إرساله إلى برقة لمواصلَةِ الفتوحاتِ في تلك الجهات، وتحصيل
ضريبة الدفاع ممن رفضُوا دَفْعَها بعد عودة المسلمين وانشغالهم طوال تلك
السنوات بأحوالهم الداخلية .
فرحة عقبة بهذا التكليف :
« لم يُخْفِ عُقبة - وهو البطل الشجاع الذى تَشرَّبَ قلبهُ حب الجِهَادِ - اغتباطه بهذا التكليف ، إذ أشْرَقَتْ مَلامِح وَجْهِهِ ، وانْبَعَثَتْ فِى نَفسِهِ خَواطر عن الماضي القريب، إبان إقَامَتِهِ فى تِلْكَ الجِهَاتِ، وقيَامِهِ بِنَشر تعاليم الدين الحنيف بين البربر، وفتحِهِ بَعْضَ المدن المهمة ، ودُخُولِ أهْلِها فى الإسلام ، إِنَّ الفَرصَةَ وَاتتْهُ من جديد لإنْقَاذِ القَبائِلِ البربرية من مخَالِبِ الوثنية والجَهالَةِ .
عقبة يتجه إلى لواتة وبرقة :
« بَدَأَ عقبة أعماله الحربية في هذه المرة سنة 41 هـ بالتوجه إلى قبيلة لواتَّةَ، فأعلَنُوا الطَّاعَةَ من جديد، واعْتَنَقُوا الإسلام ، راضينَ مُغتَبِطينَ . ثُم اتَّجَهَ إِلى بَرْقَةَ فَوَجَدَ أَهْلَهَا – كما تَرَكَهُمْ مِنذُ ثَلَاثَ عَشرةَ سَنةٌ - ما زالوا على دِينِ الإسلام ، يُقيمونَ شَعَائِرَه بانتظام ، ويتمَسَّكُونَ بِأُصولِهِ وَقَوَاعِدِهِ. أَقامَ عقبةُ فِي بَرْقَةً يَستَكْمِلُ رِسالَتَهُ الأُولَى فى نَشْرِ الدَّعْوة الإسلامية بين القبائل ؛ حتى استَجابَ لَهُ عدد كبير منهم ، وأصبحَ المُسلمون فى هذه القبائِلِ يُقَدَّرون بالآلافِ وَبَعْدَ حوالي سنتين ، أي في شوال سنةَ ٤٣هـ ، تُوفَّى عَمْرُو بْنُ العَاصِ ، وَحَزِنَ عَقِبَةً لِمَوْتِ ابنِ خَالَتِهِ حُزْنًا شَدِيدًا .
معاوية يرسل جيشًا لمواصلة الفتوحات :
وقام بعدها مُعاوية بن أَبي سُفْيانَ سنة 45 هـ بإرسال مُعاوية بن حُديج والى
مِصْرَ في تلك الفَتْرَةِ، على رأس جيش عدته
عشرة آلاف مُقَاتِلِ لِيَفْتَحُ بِهِ هذه البلاد. التَقَى ابْنُ حُدَيجِ
فَوْرَ وصولِهِ إِلَى بَرْقَة بعقبة بن نافع ، وأعدَّا معًا خُطَةَ الفَتْح .
ولَكِنَّ ابن حُديج لَمْ يَحَقُقْ إِلَّا نَصْرًا ضَئِيلًا
إِذا قورن بما أحرزه المسلمون في الفُتُوحَاتِ السابقة . ثم عَادَ إلى مِصْرَ .